الرسالة والأصدقاء الثلاثة

الرسالة والأصدقاء الثلاثة

يحكي انه كان هناك اربعة اصدقاء يعيشون في احدي القرى ، يسهرون ويسمرون كل ليلة ، لا تكاد تري احدهم بعيدا عن أصدقائه ، وفي يوم من الايام سافر أحدهم للعمل خارج البلاد ، وفي أثناء سفره احتاج إلي بعض المستندات الخاصة به وذلك بع توثيقها من وزارة الخارجية لبلده وسفارة البلد المسافر إليه .

هنا تذكر أصدقائه الأوفياء فكم من ليال جميلة جمعتهم وكم من عهود ومواثيق علي الوفاء ، فأرسل رسالة لكل منهم يطلب منه تجهيز المستندات وإرسالها إليه .

هنا انقسم الأصدقاء الثلاثة :

أما الأول : فقال صديقي هذا يسافر ويستفيد وترك لنا التعب والجهد انه لم يتذكرني إلا لحاجته ونسي عهوده ومواثيقه ، فعمد إلي الخطاب فمزقه وألقاه في سلة المهملات ، فهذا بين غدره وعدم وفاءه .

وأما الثاني : فقال صديقي حبيبي لابد أن أكون وفيا له ، فك قضينا الليالي الجميلة ، فعمد إلي الخطاب ووضعه في إطار جميل ، ثم زين به جدار الغرفة ، وقال في نفسه هكذا كلما جلست هنا في الغرفة قرأت الخطاب وتذكرت صديقي وتذكرت معه الأيام الجميلة ، فهل وفي هذا الصديق بحق صديقه ، وهل أدي حق الرسالة ؟

أما الثالث : فقرأ الخطاب ووعي ما أراده صديقه ، فقام في الصباح الباكر وأحضر المستندات المطلوبة وعمل علي توثيقها ثم أرسلها إلي صديقه ، فكان وفيا لصديقه مؤديا حق الرسالة

تري أي الأصدقاء أنت ؟

وهكذا و لله المثل الأعلى فقد أرسل الله إليك رسالة

نعم الله تبارك وتعالى يعتني بك

نعم أنت المخلوق يرسل إليك الخالق رسالة

أنت الضعيف يرسل إليك القوى رسالة

أنت الفقير يرسل إليك الغنى رسالة

إنها القران الكريم

فماذا عملت بها ؟

هل أنت مثل الصديق الأول ممن جعل القران وراء ظهره فساقه إلي النار ؟

أم كالصديق الثاني ممن جعل القران في صندوق جميل ثم وضعه فوق المكتب أو المنضدة أو في السيارة أو تحت الوسادة فلم ينتفع بما فيه

أو ممن قرأ القران ولم يعمل بما فيه بل وقف عند الصوت والنغم فكان كالريحانة ريحها طيب وطعمها مر

أم أنت تحب أن توفي كما وفي الصديق الثالث إذا كانت الإجابة بنعم فهل أنت ممن يقرأ القران ويتدبر معانيه ويعمل بما فيه ، فيأتمر بالأمر وينته عن النهي إذا كنت كذلك فنرجوا أن يقودك القران إلي الجنة بإذن الله

انظر أخي أي الأصناف أنت ؟

كيف تلقيت رسالة ربك تبارك وتعالي ؟

قال رسول الله صلي الله عليه وسلم : " مَثَلُ الْمُؤْمِنِ الَّذِي يَقْرَأُ الْقُرْآنَ كَمَثَلِ الْأُتْرُجَّةِ رِيحُهَا طَيِّبٌ وَطَعْمُهَا طَيِّبٌ، وَمَثَلُ الْمُؤْمِنِ الَّذِي لَا يَقْرَأُ الْقُرْآنَ كَمَثَلِ التَّمْرَةِ طَعْمُهَا طَيِّبٌ وَلَا رِيحَ لَهَا، وَمَثَلُ الْفَاجِرِ الَّذِي يَقْرَأُ الْقُرْآنَ كَمَثَلِ الرَّيْحَانَةِ رِيحُهَا طَيِّبٌ وَطَعْمُهَا مُرٌّ، وَمَثَلُ الْفَاجِرِ الَّذِي لَا يَقْرَأُ الْقُرْآنَ كَمَثَلِ الْحَنْظَلَةِ طَعْمُهَا خَبِيثٌ، وَرِيحُهَا خَبِيثٌ "

كتاب شعب الإيمان للبيهقي فصل في إدمان تلاوة القران